- المقالات
- تنمية أعمالي
- توسيع الأعمال في الخارج
لماذا يعتبر كون المملكة العربية السعودية أقوى وأكثر ارتباطاً أمراً جيداً بالنسبة للدول المجاورة
وتيرة التغيير والتطوير في المملكة العربية السعودية ستفيد أسواق دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
بشر الإعلان عن رؤية السعودية لعام 2030 بقدوم عصر جديد للمملكة. حيث يتقبل فيه المواطنون السعوديون التغيير، بينما ساهمت برامج الإصلاح الشاملة في تغيير وجهة نظر المجتمع والأعمال.
ومنذ ذلك الحين، ومن خلال اتباع إطار العمل الاستراتيجي لرؤية 2030 للتنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط، اتخذت المملكة خطوات لفتح قطاعات وصناعات محددة وتطويرها، بما في ذلك قطاعات التعليم والرعاية الصحية والإسكان والنقل والسياحة.
ولقد باتت هذه التغييرات واضحة وملفتة لأنظار العالم. حيث قفزت المملكة العربية السعودية من 30 إلى 62 نقطة على مؤشر البنك الدولي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2020 وذلك على خلفية تنفيذ ثمانية برامج إصلاحية اقتصادية. [1]
ووفقاً للبنك الدولي، أدت الإصلاحات الاقتصادية التي شملتها رؤية 2030 إلى تحسين إمكانية الوصول إلى التمويل، وتعزيز حماية المستثمرين الأجانب، وتسهيل حل مشاكل الإفلاس في المملكة.
وباعتبار المملكة العربية السعودية أكبر اقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي، فهي لاعب أساسي ولديها أكبر عدد من السكان في المنطقة – حيث يبلغ عدد السكان فيها 35 مليون نسمة، أي أكبر بثلاث مرات من الإمارات العربية المتحدة.
ولقد تسببت جائحة فيروس كورونا (Covid 19) المستمرة في إحداث ضغوطات حادة على الطلب العالمي على النفط والأسعار مما أدى إلى إضعاف أكبر ميزانية عمومية للدول المصدرة النفط في العالم. ومع ذلك، فإن احتياطياتها الممولة من النفط تتيح لها إمكانية الإنفاق بشكل كبير. وتبلغ ميزانية المملكة لعام 2020 272 مليار دولار أمريكي.
ما هي الآثار المترتبة لأن تكون المملكة العربية السعودية أقوى وأكثر ارتباطاً دولياً على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى؟ وهل ستؤثر التغييرات التي يتم إجراؤها في المملكة على المراكز المصرفية الإقليمية والوجهات السياحية؟
الفوائد عبر دول مجلس التعاون الخليجي
أن تكون المملكة العربية السعودية أكثر ارتباطاً فمن المحتمل أن يفيد ذلك جميع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، حيث قد تكون النتيجة أن يصبح الكل أكبر من مجموع أجزائه.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي من الأمثلة الجيدة على هذا التعاون، حيث ساعدت العلاقات الوثيقة بين الأعضاء على تطوير الدول وخلق كتلة اقتصادية مؤثرة وقوية.
ولقد أظهر التاريخ مراراً وتكراراً أنه كلما بدأت الدول في التجارة مع بعضها البعض ككتلة واحدة، أصبح جميع الدول أقوى مما كانت عليه عندما كانت تقوم بذلك بمفردها. وتتميل إلى الحصول على مستويات أعلى من النفوذ الاقتصادي في التجارة مع الدول الأخرى. فهو يساعد على بناء أسواق كبيرة للشركات مما يؤدي بعد ذلك إلى مزيد من الاستثمارات، المحلية والأجنبية، في حين أن المنافسة ضمن الكتلة يمكن أن تزيد من كفاءة الشركات وتحسن الأرباح.
وفي حين أن دول مجلس التعاون الخليجي ليست كتلة تجارية رسمية، إلا أن الروابط الاقتصادية بين أعضائها تعود إلى عدة قرون من الزمن. وإن ما تحققه المملكة العربية السعودية في ظل رؤيتها الاستراتيجية الجديدة يمكن أن يكون مكملاً للجهود التي تبذلها الدول المجاورة لها بينما تمضي قدماً في قيادة برامجها الإصلاحية الاقتصادية الخاصة بها.
الطريق نحو التقدم
يتمثل أحد أهداف رؤية 2030 بتنويع وتحديث قطاع النقل، وتطوير المملكة لتصبح مركز لوجستي رئيسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ووفقاً لمجموعة أكسفورد للأعمال، فإن موقعها المتميز بين منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر يجعلها وجهة مهمة لتدفقات الشحن من الولايات المتحدة وأوروبا. [2]
ومثالاً على ذلك الطريق السريع الجديد الذي يربط بين السعودية وسلطنة عُمان، والذي يمر عبر منطقة الربع الخالي، وبمجرد الانتهاء منه سيقلل المسافة بين البلدين بنحو 800 كيلومتر مقارنة بالطريق الحالي الذي يمر عبر دولة الإمارات العربية المتحدة. ولن يقتصر عمل الطريق على تعزيز حركة التجارة بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية وحسب، بل أنه سيسهل حركة السفر لعشرات الآلاف من العُمانيين الذين يسافرون لموسم الحج والعمرة.
من وجهة نظر المسافرين من الناحية الترفيهية، فإن انفتاح المملكة العربية السعودية على السياحة يعني إضافة مواقع سياحية إضافية لجذب السياح الراغبين بزيارة منطقة الخليج. فالجولات السياحية الثقافية إلى أطلال الحضارة النبطية القديمة في مدائن صالح، التي تعتبر من المواقع التراثية العالمية بالنسبة لمنظمة اليونسكو، ويمكن لفن العمارة الحجرية في مناطق جبة والشويميس أن تتفوق على سحر وبريق قضاء العطلة في دبي.
وعلاوةً على ذلك، ومن خلال الخطوات التي اتخذتها المملكة لدعم تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، فإن من ضمن الأهداف المحددة لرؤيتها هو زيادة مساهمة قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي من 20 في المائة حالياً إلى 35 في المائة بحلول عام 2030.
وتتطلع الشركات السعودية والشركات الناشئة إلى التوسع، ليس ضمن المنطقة فقط وإنما خارج حدود المنطقة. وتقوم الحكومة بالتدخل عن طريق تأسيس الهيئات الاستشارات والمسرعات التي تساعدهم في تأمين مصادر التمويل اللازمة والشراكة مع المستثمرين الأجانب. وهي تساعد الشركات على الترويج للمنتجات السعودية في المعارض الدولية وبالتالي إنشاء أسواق جديدة.
مسار ذو اتجاهين
العملية بمجملها لا تسير باتجاه واحد فقط. حيث أنه تماشياً مع الرؤية، تضع الحكومة مجموعة من اللوائح التنظيمية الداعمة لبدء العمل وتهدف إلى وضع المملكة كوجهة جذابة للشركات العالمية التي تتطلع إلى دخول المنطقة. ففي عام 2019، أعلنت الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية (SAGIA) عن ارتفاع بنسبة 54 بالمائة في عدد التراخيص الصادرة للشركات الأجنبية مقارنة بعام 2018، وهي علامة واضحة على أن الخطوات التي اتخذتها المملكة بهذا الصدد تؤتي ثمارها. [3]
ومع توجه الشركات السعودية إلى توسيع نطاق أعمالها في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وبالتالي، العودة إلى المملكة بمجموعة أقوى من اللاعبين الإقليميين. وستعمل هذه القوة الجديدة على تهيئة الشركات لتكون في وضع أفضل لإجراء مزيد من التوسع في مناطق أخرى عالية النمو مثل آسيا.
وستقوم البنوك الدولية مثل HSBC بتزويد الشركات بشبكات التمويل والاتصال. وسيتمكن العملاء الذي يتعاملون مع HSBC في المملكة العربية السعودية من الوصول إلى شبكتنا. ومن ثم فإن الانتشار العالمي لشبكة HSBC تتيح للعميل إمكانية التوسع في دول أخرى مثل سنغافورة أو الصين أو الولايات المتحدة.
ومن خلال جذب أفضل البنوك إلى المملكة، تعمل المملكة العربية السعودية على زيادة هذا التواصل، وهو أمر بالغ الأهمية لتدفق الأموال والأفكار والابتكار.
كما أن اعتماد العلاقات التعاونية بين دول مجلس التعاون الخليجي بدلاً من العلاقات التنافسية ستجعل جميع دول المنطقة أقوى بكثير. حيث أن بناء كتلة اقتصادية واحدة متكاملة ستعود بالفائدة على الدول الأخرى أيضاً.